( من 19 فبر$ - الى 20 مارس )
برج الحوت
الصفات العامة لبرج الحوت
ما هو الأسهل بالنسبة إلى سمكة عادية : السباحة مع التـيار أم الصعود عكسه ؟ مجاراة التيار هي الأسهل طبعاً لا لسمك المحيطات وحسب بل لمواليد برج الحوت الذيـن هم من عائلة الأسماك ولو اسماً فقط . في مجاراة تيار الحياة يجد الإنسان المولود في برج الحوت والذي يرعاه إله البحار نبتـون سعادته وراحته النفسية بينما يُعتبر السير في اتجاه معاكس أمراً شـاقاً لا تقوى عليه طبيعته ال$ولة وحبه للحياة السهلة . " أريد أن أعيش " هو المبدأ الذي يُؤمن به ويُحاول العمل به قدر المُسـتطاع .
ولو قيل لهذا الإنسان إن العالم يتداعى أو إن المجاعة تعمّ بالأرض أو أن التـلوث سوف يقضي على البشرية قريباً لما ردّ بأكثر من الضحك أو التـثاؤب . فهو راض ٍ بحاضره عديم الاهتمام بغده , لا يهدف إلى مال أو سلطة , ولا يتمنى من دنياه أكثر من حلاوتها . وبما أنه قليل الطمع والجشع لا شيء يقوده إلى الحركة أو العنف . إن ما يفعله رداً على التحدي والإثارة سلاطة اللسان ومرارة الكلام . غضبه سطحي قصير الأمد يُشبه دوائر الماء عند رمي حجر فيه إذ سرعان ما تـتلاشى ويستعيد سطح الماء سكونه وصفاءه .
يجد مولود برج الحوت الراحة والانتعاش في شرب السوائل كالماء وغيره , يرى العالم من خلال منظار وردي يرسم له كل شيء جميلا ً رائعاً . ولا يعني ذلك أنه يجهل واقع الحياة بألمه ومرارته , ولكنه يُفضل الهروب إلى الحلم والوهم مُقـنعاً نفـسه بأن موقفه هذا هو عين الصواب . وبكلام أوضح يتجاذب مولود برج الحوت سؤالان أو فكرتان عليه أن يختار بينهما . فهو مضطر إمّا إلى العوم على سطح الماء ومعرفة واقع الدنيا أو الغوص إلى الأعماق بعيداً عن أهدافه الأساسية . والحقيقة أنه كثيراً ما يتردد لعدم استطاعته الرؤية بوضوح مثـله في ذلك مثـل السمكة التي تـنظر إلى جانبيها بدلا ً من النظر إلى الأمام .
يرمز مولود برج الحوت – الذي هو آخر الأبراج كما نعلم – إلى الموت والخلود بينما يرمز برج الحمل – أول الأبراج – إلى الولادة . ويمكن القول أن هذا البرج الأخيـر هو خلاصة لما سبقه من أبراج , أي أن الإنسان المولود فيه يتسم أحياناً بمعرفة العذراء , ومحاكمة الميزان , ومرح السرطان , وكرم القوس , وصراحة الأسد , وشعور الجدي بالواجب , واندفاع الحمل , وقوة تحليل الدلو , و$ل الثور , وسرعة الجوزاء , كل ذلك أو بعضه في آن ٍ واحد . بالإضافة إلى ذلك توجد لدى مولود الحوت حركة مستمرة وقابلية للتحوّل الذاتي . هذه الميزة الخاصة التي حُرمتها الأبراج الأخرى تمكنه من الانسلاخ عن نفسه وبالتالي استعراض الماضي والحاضر والمستـقـبل دفعة واحدة الأمر الذي يُفسّر إلى حدٍ ما كيفية تـنبئه بالأشياء قبل وقوعها . إنه في رأي البعض أصدق برهان على فلسفة التـقمّص التي يُؤمن بها الكثيرون .
في رأي هذا الإنسان أنه خالد ممّا يدفعه إلى إهمال صحته وراحته في سبيل الآخرين . من الأشياء التي تسبب له الضرر الجسيم المسكنات والمهيجات والإرهاق ومشاكل الغير التي تلاحقه دوماً وبعض العادات السيئة في المأكل والمشرب . ما قد يعوّضه من ضعفه الجسماني تلك القوة الخارقة التي يستمدها من الإيحاء الذاتي . فهو يستطيع إقناع نفسه بأنّ لا خوف عليه من أي أمر أو شخص .
على الرغم من خجله الفطري ينجح مولود برج الحوت في التمثـيل المسرحي وإن كان ضعيفاً سريع التأثر أمام النقد . ويتمتع بذاكرة مُذهلة ومزاج مُرهف وحس جمالي يُمكنه من ولوج باب الكتابة والتأليف نثراً وشعراً . وبما أن لديه ملكة عظيمة تـُميّـز الخير من الشر وتستطيع مقاومة جميع أنواع الإغراء ينجح في أن يكون رجل دين أو متصوفاً يُشار إليه بالبنان . وهو في جميع الأحوال مندفع في سبيل المرضى والفقراء والمعوزين لا يفرق بين شخص وآخر ولا يُقاضي أو يحاسب أحداً . مزاجه سلاح خفي يستعمله عند الحاجة . يضحك أحياناً ليُداري دموعه أو يُضحك الآخريـن دون أن يفـتر ثـغره عن الابتسام . لا مبالاته ستار لضعفه , ومظهر البأس عنده قشرة خارجية لا أكثر .
طبيعة هذا الإنسان بعيدة المنال , تقوم على الوهم والتهرب من الواقع . من الصعب أن يدركها أحد غيره ما لم يستعمل الكثير من الخيال وما لم يعلم سلفاً أن رمزه الماء بخضرته ورطوبته ووحله وتحركه المستمر , وأن سرّه العميق مدفون في قاع المحيط حيث لا يعلم به سوى كوكبه نبتون .